منهج الإمام الواحدي في عرض القراءات وتوجيهها في تفسيره "البسيط"

ملخص الرسالة

منهج الإمام الواحدي في عرض القراءات وتوجيهها

في تفسيره "البسيط"

الملخص:

تناولت هذه الدراسة القراءات القرآنية عند الإمام الواحدي - رحمه الله -، هادفةً إظهار منهجه في عرض القراءات وتوجيهها، واستجلاء موقفه من الطعن في القراءات والترجيح فيما بينها، وإبراز القيمة العلمية للقراءات وأثرها على تفسيره.

وقد اتبعت في هذه الدراسة المنهج الوصفي والمنهج التحليلي والمنهج النقدي، وبينت منهجه من خلال نماذج توضح المراد.

وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، من أهمها أن الإمام الواحدي - رحمه الله - كان يحتجُّ للقراءات ويوجهها بالمأثور وكلام العرب، ويوظفها في استنباط الأحكام الفقهية ومسائل العقيدة، وكان يختار بين القراءات ويرجح بعضها، ويخطّئ ُبعضها نادرًا، وله موقف يشكر عليه في الدفاع عن القراءات المتواترة في وجه الطاعنين.

مقدمة:

الحمد لله الكريم الوهاب، الغفور التواب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله، رب الأرباب، أنزل على نبيه أجل الكتب قدرا، وأعظمها فهما، وأغزرها علما، وأبلغها في الخطاب، قرآنا عربيا غير ذي عوج، لا شبهة فيه ولا ارتياب، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، المبعوث من أشرف الشعوب والشعاب، إلى خير أمة بأفضل كتاب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار الأنجاب، ومن سار على نهجهم جميعهم إلى يوم المآب، وبعد؛

فإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على البشرية أن بعث لهم سيدها محمدا صلى الله عليه وسلم، فكان الرسول الأكرم، والنبي الخاتم، ثم أيده بما يصدق نبوته ورسالته؛ فأنزل عليه القرآن الكريم، معجزة خالدة على مدى الزمان، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم قرن بتلك المنة منة أخرى وهي تكفله بحفظ هذا الكتاب، وقد قيَّض الله لكتابه ثلة من العلماء الربانيين وزمرة من الجنود المخلصين، الذين فرغوا أوقاتهم وأفنوا أعمارهم في سبيل القرآن الكريم، فرَدُّوا عنه كيد الكائدين، ونفَوا عنه انتحال المبطلين، ومن هؤلاء العلماء كوكبة عُنِيَت بكتاب الله حفظًا ودراسةً، وبيانًا لمجملِه، وإيضاحًا لمبهمه، وحلًَّا لمشكله، وتقييدًا لمطلقه، فكانت نعم الله تترى، واحدة بعد أخرى، وقد سار هؤلاء الصفوة من العلماء الأجلاء على هذا إلى يومنا هذا، فلله الفضل والمنة على وافر ما أنعم، وله الحمد في الآخرة والأولى على ما أتم وأكرم.

ومن هؤلاء العلماء الذين وطَّنُوا أنفسهم لذلك، إمام عظيم، وعالم جليل، هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي النيسابوري الشافعي المتوفَّى سنة ثمان وستين وأربعمائة هجريًا، عليه من الله سحائب الرحمة والغفران، ألَّفَ من المصنفات دُرَرًا، وورَّث من العلوم ما ذَخَرَتْ به المكتباتُ وزَخَرَتْ، ومن هذه المصنفات التي تركها إمامنا الواحدي - رحمه الله - كتاب "التفسير البسيط" الذي عُنيَ بالقرآن درسًا، وبكشف أسراره غورًا، غلب عليه الجانب اللغوي الذي كان فيه بارعًا، وفي توظيفه لخدمة القرآن متميزًا، وكان للقراءات نصيب من هذا فقد جعل من أسباب تأليفه هذا الكتاب بيانَ علل القراءات وتوجيهها وحلَّ مشكلها.

وقد كان حظ القلم أن يتحدث عن منهج الإمام الواحدي - رحمه الله - في القراءات وتوجيهها من خلال نماذج انتقيتها كان لها أثر واضح في تجلية موقفه وبيان منهجه في هذا العلم الجليل.

مشكلة الدراسة:

تظهر مشكلة الدراسة من خلال الأسئلة الآتية:

1- من هو الإمام الواحدي ؟
2- ما أنواع القراءات القرآنية التي أوردها الواحدي في تفسيره؟
3- ما منهج الإمام الواحدي في عرض القراءات وتوجيهها ؟
4- ما أثر توجيه الإمام الواحدي للقراءات في تفسيره "البسيط"؟
5- ما إيجابيات هذه التوجيهات وسلبياتها؟
6- ما أثره فيمن جاء بعده؟

أهمية الدراسة:

تظهر أهمية الدراسة من خلال النقاط الآتية:

1. أنها تعنى بتفسير عظيم الشأن ذي قيمة علمية كبيرة، ومنحى متميز.

2. إبراز القيمة العلمية للقراءات في تفسير الإمام الواحدي، كونه مشتملًا على كم كبير من القراءات وتوجيهها.

3. يُعدّ تفسير الواحدي عمدة لمن جاء بعده من المفسرين.

أهداف الدراسة:

تكمن أهداف الدراسة فيما يلي:

1- التعريف بالإمام الواحدي وتفاسيره.

2- الوقوف على أنواع القراءات القرآنية التي أوردها الواحدي في تفسير "البسيط".

3- إبراز منهج الواحدي في عرض القراءات وتوجيهها.

4-بيان أثر توجيه الواحدي للقراءات في تفسيره "البسيط".
5- إيضاح إيجابيات هذه التوجيهات وسلبياتها.

6- إظهار أثره فيمن جاء بعده.

منهج البحث:

ستتبع هذه الدراسة في منهجها:

1. المنهج الاستقرائي، فطبيعة البحث تستلزم استقراء تفسير "البسيط"، والوقوف على بعض الآي التي ذكر فيها قراءات مختلفة.

2. المنهج التحليلي، في تحليلبعض الآي التي ذكر فيها قراءات مختلفةبعد استقرائها ودراستها، من أجل بيان منهجه في التعامل مع القراءات.

3. المنهج النقدي: من خلال وضع آرائه في ميزان أقوال العلماء فما وافق الصواب وافقته وما خالفه ناقشته فيه.

آلية البحث:

أما آلية البحث فكانت على النحو التالي:

1- استقراء التفسير البسيط واختيار بعض المواضع التي برز فيها منهجه في القراءات.

2- عزو الآيات الشريفة إلى مواضعها في القرآن الكريم.

3- تخريج الأحاديث الشريفة من مظانِّها وذكر حكم العلماء عليها.

4- عزو القراءات القرآنية إلى من قرأ بها من القراء العشرة مع توثيقها من مظانِّها.

5- عزو القراءات الشاذة وتوثيقها من كتب التفسير.

6- الاقتباس من بعض الكتب ذات الصلة.

7- الترجمة للقراء الأربعة عشر ورواتهم.

الدراسات السابقة:

لم أعثر - فيما بحثت - على دراسة في القراءات القرآنية متخصصة في تفسير "البسيط" للإمام الواحدي - رحمه الله -، والذي وجدته دراسات مختلفة تناول بعضها منهجه العام في التفسير، وهي:

1. دراسة جوده المهدي، بعنوان: "الواحدي ومنهجه في التفسير"، الطبعة الأولى، الناشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وزراة الأوقاف المصرية، مصر، 1978م، حيث خصص جزءًا من دراسته لمنهج الواحدي في القراءات من خلال سورة البقرة، ولم تحط الدراسة بمنهج الواحدي في توجيه القراءات والاحتجاج لها.

وتمتاز هذه الدراسة بتخصصها بجانب القراءات، وشمولها تفسير البسيط، إضافة إلى إحاطتها بمنهج الواحدي في توجيه القراءات.

2. دراسة الباحث سامي أحمد، بعنوان "منهج الواحدي في تفسيره "البسيط"، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، مصر، 1984م، بحثت عنها ولم أتمكن من الحصول عليها، لكنني وقفت على وصف لها، حيث خصص الباحث مطلبا من الفصل الخامس لذكر منهج الواحدي في القراءات، والذي يبدو أن هذه الدراسة كانت في الجزء المحقق، ولم تشمل كتاب البسيط.

وتمتاز هذه الدراسة بأنها متخصصة في منهج الواحدي في القراءات في تفسير البسيط كاملًا.

3. دراسة الدكتور محمد بن صالح بن عبد الله الفوزان، قدمت لنيل درجة الدكتوراه، الطبعة الأولى، عمادة البحث العلمي (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، السعودية، 1430هـ-2009م، وقد جاءت على قسمين اثنين خصص القسم الأول لدراسة منهج الواحدي في تفسيره "البسيط"، وخصص القسم الثاني لتحقيق الجزء الأول من الكتاب من بدايته إلى الآية الرابعة والسبعين من سورة البقرة، وقد عرج في القسم الأول على منهج الواحدي في القراءات، إلا أن دراسته للمنهج كانت مقتصرة على الجزء الذي حققه.

وتمتاز هذه الدراسة عن دراسة الدكتور محمد الفوزان بأنها ستكون شاملة لكتاب البسيط.

4. دراسة الدكتور عمر إبراهيم رضوان، فقد قدم بحثا عنونه بـ "الواحدي ومنهجه في تفسيره البسيط"، جامعة المدينة العالمية، ماليزيا، 2011م، وقد ذكر أمرين اثنين من منهجه في القراءات، الأول: أنه يسير على نهج غالب المفسرين في إيراد القراءات، والثاني: أنه كان لا يقتصر على ذكر القراءات السبع فقط، وجاء ذكره للمنهج في ستة أسطر فقط.

وتمتاز هذه الدراسة عن بحث الدكتور عمر بأنها دراسة متخصصة في منهج الإمام الواحدي في القراءات، كما أنها ستقوم بتتبع القراءات القرآنية في عموم تفسير البسيط.

5. دراسة الدكتورة فاطمة العبيد، بعنوان:"ترجيحات الواحدي في التفسير من خلال تفسير البسيط في سورتي الأنعام والأعراف"، رسالة ماجستير، جامعة طيبة، المدينة المنورة، 1435هـ-2014م، بحثت عنها ولم أحصل عليها.

وبهذا يتبين أن الدراسات السابقة لم تستوف البحث في توجيه القراءات وعرضها عند الإمام الواحدي في تفسيره "البسيط".

وهذه الدراسة تمتاز عن سابقاتها بأنها دراسة متخصصة في بيان منهج الإمام الواحدي في القراءات في أكبر وأعظم كتب التفسير التي ألفها رحمه الله.

وتأتي هذه الدراسة مكملة للدراسات التي اهتمت بالجوانب اللغوية والنحوية عند الواحدي في تفاسيره عمومًا.

خطة الدراسة:

اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تُقسَم إلى فصلٍ تمهيديٍّ وخمسة فصول، جاءت على النحو الآتي:

الفصل التمهيدي: تعريفات ومقدمات

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تعريف علم القراءات والقراء الأربعة عشر ورواتهم.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: القراءات، تعريفها، نشأتها، أركانها، أنواعها.

المطلب الثاني: التعريف بالقُرَّاءِ الأربعةَ عشرَ ورواتِهِم.

المبحث الثاني: التعريف بالإمام علي بن أحمد الواحدي.

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وأسرته، وولادته، ووفاته

المطلب الثاني: شيوخه وتلاميذه

المطلب الثالث: مؤلفاته

المطلب الرابع: التعريف بالتفسير البسيط.

الفصل الأول: أنواع القراءات التي عرضها الإمامالواحدي في تفسيره "البسيط" ونسبتها إلى من قرأ بها.

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: ذكره للقراءات المتواترة

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: ذكره للقراءات السبعة

المطلب الثاني: ذكره للقراءات الصحيحة المتممة للعشرة

المبحث الثاني: ذكره للقراءات الشاذة

المبحث الثالث: نسبة القراءات إلى قارئيها وبلدانهم

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: ذكره القراءات منسوبة إلى من قرأ بها

المطلب الثاني: ذكره القراءات منسوبة إلى أهل البلد

الفصل الثاني: منهج الإمام الواحدي في توجيه القراءات والاحتجاج لها.

وفيه تمهيد، وأربعة مباحث:

تمهيد: تعريف التوجيه ومصطلحاته

المبحث الأول: منهجه في توجيه القراءات بالمأثور

وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: توجيه القراءات بالقرآن

المطلب الثاني: توجيه القراءات المتواترة بالقراءات الشواذ

المطلب الثالث: توجيه القراءات بالسنة النبوية

المطلب الرابع: توجيه القراءات بقراءات الصحابة وأقوالهم

المطلب الخامس: توجيه القراءات بأقوال التابعين

المبحث الثاني: منهجه في توجيه القراءات من لغة العرب

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: توجيه القراءات بالنحو

المطلب الثاني: توجيه القراءات بالاشتقاق

المطلب الثالث: توجيه القراءات بالشعر

المطلب الرابع: توجيه القراءات بالبلاغة

المبحث الثالث: منهجه في توجيه القراءات لبيان الأحكام الفقهية والمسائل العقدية

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: توجيه القراءات لبيان الأحكام الفقهية

المطلب الثاني: توجيه القراءات لبيان المسائل العقدية.

الفصل الثالث: منهج الإمام الواحدي في الاختيار والترجيح

وفيه تمهيد، ومبحثان:

تمهيد: تعريف الاختيار والترجيح

المبحث الأول: منهجه في اختيار القراءات.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: ذكره اختيارات العلماء المتقدمين.

المطلب الثاني: اختياره القراءات.

المبحث الثاني: منهجه في الترجيح بين القراءات والحكم عليها.

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: منهجه في الترجيح بين القراءات.

المطلب الثاني: ذكره ترجيح العلماء المتقدمين.

المطلب الثالث: منهجه في الحكم على القراءات.

الفصل الرابع: أثر القراءات في تفسير "البسيط"

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: أثر القراءات القرآنية في تقرير مسائل العقيدة.

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: أثر القراء القرآنية في تقرير بعض مسائل الإلهيات.

المطلب الثاني: أثر القراء القرآنية في تقرير بعض مسائل النبوات.

المطلب الثالث: أثر القراء القرآنية في تقرير بعض مسائل الغيبيات.

المبحث الثاني: أثر القراءات القرآنية في استنباط الأحكام الفقهية.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: أثر القراء القرآنية في باب العبادات.

المطلب الثاني: أثر القراء القرآنية في غير باب العبادات.

الفصل الخامس: القراءات عند الإمام الواحدي في الميزان.

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: ما له من مميزات.

المبحث الثاني: ما عليه من مآخذ.

الخاتمة، وتتضمن أهم النتائج.

وبعد؛فلله الحمد والامتنان، وجزيل الثناء والشكران على ما يَسَّرَ وأنعم، وتفضَّلَ وتكرَّم، من إتمام هذه الدراسة، فإن وُفِّقتُ فيها فبفضل من الله وحده، وإن اعتراها ما يعتري أي عمل بشريٍّ من نقص أو خلل أو سهو أو نسيان، فمني ومن الشيطان، وعذري أنني قدمتُ غايةَ جهدي، ومنتهى سعيي.

وأختم بالصلاة والسلام على بدر التمام ومسك الختام وسيد الأنام محمد - عليه أفضل صلاة وأزكى سلام -، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والإنعام، ومن سار على نهجهم واقتفى ما تعاقب النور والظلام، سائلًا ربي تمام التوفيق وحسن الختام.

الخاتمة:

لقد تمَّ هذا البحث بعون الله وتوفيقه، وكان الحديث فيه عن منهج الواحدي في عرض القراءات وتوجيهها، وبعد هذه الرحلة العلمية الماتعة في التفسير البسيط للإمام أبي الحسن: علي بن أحمد الواحدي النيسابوري الشافعي -تغمده الله بواسع رحماته- فقد ظهرت للباحث نتائج متعددة يمكن أن تُلَخَّص في النقاط التالية:

1- التفسير البسيط من المراجع المهمة التي رفدت المكتبة الإسلامية، واستفاد منه كثير من العلماء المتقدمين، وما زال يحتاج إلى مزيد بحث وعناية من الدارسين.

2- علم القراءات له فضل عظيم وأثر كبير في سائر العلوم الشرعية خاصة علم التفسير، فبين العلمين ارتباط وثيق فالعلاقة بين التفسير والقراءات علاقة تفسير وبيان، والقراءات هي الخادم الأمين الذي يوضح المعنى.

3- توجيه القراءات فن جليل، به تعرف جلالة الألفاظ وجزالتها، لكنَّ العلماء نبهوا على عدم توجيه قراءة متواترة وإسقاط أختها أو الانتقاص منها.

4- اعتنى الإمام الواحدي بتوجيه القراءات والاحتجاج لها من القرآن والسنة وأقوال الصحابة وأقوال التابعين، ونظرًا لضلوعه في اللغة فقد وجَّهَ القراءات بالاشتقاق والنحو والشعر والبلاغة، ووجَّهَ بعض القراءات لبيان بعض الأحكام الفقهية والمسائل العقدية.

5- الإمام الواحدي اهتم بتوجيه القراءات والاحتجاج لها وتوسع في ذلك كثيرا، ولم يقتصر توجيهه للقراءات على المتواترة، بل شمل بعض القراءات الشاذة، وله توجيهات نفيسة لا تكاد توجد في كتاب تفسير آخر.

6- موقف الإمام الواحدي من القراءات لا يختلف كثيرا عن سابقيه من العلماء في الترجيح بينها تارة، والتوفيق تارة أخرى، وفي ردها أحيانا والذب عنها أحيانا أخرى، وقد اعتمد في كثير من هذا على من تقدمه من علماء اللغة والتفسير، مبديا في القليل رأيه واجتهاده.

7- لا ينبغي الاعتماد على كتب التفسير وحدها في توثيق القراءات، بل لا بد من الرجوع إلى كتب القراءات المعتمدة، فقد تبين بعض الأخطاء في بعض الأحيان في نسبة القراءات إلى من قرأ بها مما قد يوقع القارئ في لبس يترتب عليه حذر من قبول كل ما يُذكَر من القراءات.

8- القراءات المتواترة لها أثر بالغ في التفسير، يظهر ذلك جليا في توجيهات العلماء لها وبيان المعاني المختلفة التي تستنبط منها، مما يؤكد أهمية إيراد القراءات وذكرها في كتب التفسير والاهتمام بتوجيهها لتنتفع بها الأمة.

9- عناية الإمام الواحدي بالعلم والتصنيف تركت لنا إرثا عظيما من المراجع الهامة في التفسير وتوجيه القراءات.

وختامًا فإن التفسير البسيط للإمام الواحدي -عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران- كتاب غَنِيٌّ بكثير من شتى العلوم وصنوف المعرفة، وقد أكرمني الله -جلَّ شأْنُه- بدراسة علم من علومه وهو توجيه القراءات والاحتجاج لها، وما هي إلا محاولة متواضعة، أردت من خلالها أن أشارك في ميدان البحث العلميِّ خدمة للدراسات القرآنية ولو بشكل يسير، وما أبرئ نفسي من القصور أو الخلل، ولا أدعي العصمة من العيب والزلل، فالعصمة دُفِنت بدفن صاحبها -صلى الله عليه وسلم-، وما سواه من بني الإنسان يعتريه النقص والسهو والنسيان، والكمال لا يدعيه عاقل، إذ مطلق الكمال لله وحده، ورحم الله القائل:

إن تجد عيبًا فسُدَّ الخلل          جل من لا عيب فيه وعلا

والحمد لله على التمام، والشكر له على الإنعام، وأسأله - تعالى - حسن الختام، وصلى الله على سيدنا محمد خير الأنام، ما تعاقبت الليالي والأيام، وما شع نور وتبدد ظلام.

كتبه: أحمد عبد الرحمن عبد الله الملاد، وكان التمام ليلة الخميس: التاسع والعشرين من شهر رمضان، عام ستة وثلاثين وأربعمائة وألفٍ من هجرة خير البرية، الموافق للسادسَ عشرَ من شهر تموز، سنةَ ألفين وخمسةَ عشرَ ميلاديًا.

THE APPROACH OF IMAM AL WAHEDI IN DISPLAYING AND DIRECTING RECITATIONS IN HIS EXEGESIS AL BASEET

BY

AHMAD ABD AL RAHMAN AL MALLAD

SUPERVISOR

PROFESSOR AHMAD KHALED SHUKRI

ABSTRACT

This study discussed Quranic recitations of Imam Al Wahedi - may he rest in peace - in an attempt to reveal his approach in displaying and directing recitations, and explore his attitude from challenging of recitations and favoring between them, as well as featuring the scientific value of recitations and their contribution to its exegesis.

In this research I followed the descriptive, analytical and critical methods, and demonstrated his approach through clarifying examples.

The study was concluded into a number of results, most important of which is that Imam Al Wahedi - may his soul rest in peace - used to argument in recitations and direct them in inherited sayings and the words of Arabs, and use them in deducing judicial judgments and the questions of religion. He used also to choose among recitations and favor between them, and seldom did disprove of some of them. Furthermore, he is appreciated for his attitude in defending recurrent recitations in the faces of challengers.

فهرس المحتويات